السياسة الوطنية لمنع عمل الأطفال في المملكة (مشروع)
بسم الله الرحمن الرحيم
يعد الاستثمار في رأس المال البشري من أهم الاستثمارات التي توليها حكومة المملكة العربية السعودية النصيب الأكبر من التركيز والعناية والتطوير. والاهتمام بالطفولة وحقوق الطفل من ركائز الاستثمار في البشر، خاصة أنهم الفئة التي سترسم ملامح الوطن في المستقبل، وستكمل مسيرة التنمية التي نعمل عليها اليوم.
ومن أجل ضمان حق الطفل في النمو السليم، وفي التطور النفسي والعقلي والبدني؛ ليكون فرداً فاعلاً ومسهماً في تقدم الوطن، لا بد لنا من صياغة السياسات التي تمنع أي ممارسات قد تكون عائقاً أمام حصول الطفل على حقوقه، ومن ذلك عمل الأطفال الذي عادة ما يكون مصحوباً بالأخطار الجسدية والنفسية عليهم، ويتسبب في حرمانهم من التعليم أو اللعب أو الاهتمام.
وعلى ذلك، فإن السياسة الوطنية لمنع عمل الأطفال في المملكة العربية السعودية تضع إطاراً وطنياً ينظم سوق العمل فيما يتعلق بعمل الأطفال من جهة، ومن جهة أخرى يمكن المجتمع -من خلال حزمة من التدخلات على مستويات مختلفة في قطاعات الدولة- من مناهضة عمل الأطفال إن وجد اليوم، أو الوقوف له بالمرصاد مستقبلاً.
كذلك، فإن السياسة الوطنية لمنع عمل الأطفال تأتي بشكل متسق مع نظام حقوق الطفل في المملكة العربية السعودية، ومع الاتفاقات والبروتكولات الدولية التي صادقت عليها المملكة والتزمت بها، خاصة اتفاقيات منظمة العمل الدولية رقم (138) حول الحد الأدنى لسن الاستخدام، والاتفاقية (182) بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال، واتفاقية حقوق الطفل والبروتكولات الاختيارية التابعة لها.
وستكون هذه السياسة جزءاً من المنظومة التشريعية التي ستوفر للطفل بيئة آمنة ومحفزة للنمو والتطور والابتكار بإذن الله تعالی.
وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية
م. أحمد بن سليمان الراجحي
1- المقدمة والأساس المنطقي:
يشكّل الأطفال ثروة قيّمة لأي مجتمع. وأطفال اليوم هم مستقبل الغد. لذا، فإن مكانهم الطبيعي هو المدرسة والملعب. ولكن قد يُحرم كثير منهم من فرص التنمية الأساسية في مرحلة الطفولة، وبدلاً من ذلك يتحملون عبء العمل لدعم معيشة أسرهم. ونتيجة لهذا الواقع، تدخل أعداد كبيرة من الأطفال -في جميع أنحاء العالم- في وقت مبكر سوق العمل الذي لا يتطلب مهارات مسبقة. وهم غالباً ما يكونون أميين، ويبقون كذلك طوال حياتهم، فيفتقرون إلى الأسس التعليمية الأساسية التي من شأنها أن تمكّنهم من اكتساب المهارات وتحسّن فرصهم في الحصول على حياة عمل لائقة كبالغين، مما يعزّز دورات الفقر بين الأجيال ويقوّض الاقتصادات الوطنية.
حظي موضوع عمل الأطفال -على مر السنين- باهتمام متزايد، وحاجة إلى بذل جهود متضافرة للقضاء على ظاهرة عمل الأطفال ومنعها.
ومن المهم معرفة المقصود بعمل الأطفال، فهو يشير إلى الأطفال الذين يعملون بما ينتهك معايير منظمة العمل الدولية الواردة في الاتفاقيتين (138) و(182)، وهم جميع الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 13 عاماً ويعملون في أي أنشطة اقتصادية، وكذلك الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاماً ويعملون بأكثر من العمل الخفيف، بالإضافة إلى جميع الأطفال المنخرطين في أسوأ أشكال عمل الأطفال.
ولا يشمل هذا المنع مشاركة الأطفال واليافعين من سن 13 عاماً، في العمل في الأنشطة الاقتصادية التي لا تؤثر سلبياً في صحتهم ونموهم ولا تتعارض مع تعليمهم وغالباً ما تكون إيجابية؛ حيث يسمح بالعمل الخفيف الذي لا يتعارض مع التعليم من سن 13 عاماً بناءً على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (138) بشأن الحد الأدنى لسن الاستخدام (1).
ويمكن للدول -التي لم يبلغ اقتصادها وتسهيلاتها التعليمية درجة كافية من التطور- أن تحدد السن الأدنى للعمل فيها بـ14 عاماً بدلاً من 15 عاماً (2)، والسماح بالعمل الخفيف للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و14 عاماً تبعاً لذلك (3).
وقد أرفقت المملكة إعلاناً مع وثيقة التصديق على الاتفاقية رقم (138) ينص على أنه «وفقاً لنظام العمل في المملكة فإن الحد الأدنى لسنّ الاستخدام في المملكة العربية السعودية والعمل على أراضيها -أو على وسائل النقل المسجلة على أراضيها- هو سن الخامسة عشرة، وذلك دون إخلال بما تقضي به المادة (7) من هذه الاتفاقية».
ومن ثم يكون العمل الخفيف مسموحاً للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاماً وفق الاشتراطات التي حددتها الاتفاقية (4).
وبفضل مجموعة متنامية من الخبرة العملية والبحوث وتقييم التأثيرات، يبدو واضحاً أن التقدّم العالمي المحرز ضد موضوع عمل الأطفال يعتمد اعتماداً أساسياً على الاستجابة النشطة لسياسات الحكومات المدعومة من منظمات العمال وأصحاب العمل والمجتمع الدولي، والتي تعالج مجموعة العوامل التي تدفع أو تجذب الأطفال إلى العمل. بمعنى آخر، فإن التقدم لا يحدث من تلقاء ذاته، ولا يعتمد على قوى خارج نطاق السياسات فقط. وفي حين يعتبر النمو الاقتصادي عاملاً مهماً وذا صلة، تشير الأدلة والخبرات المتراكمة إلى أن خيارات السياسة وقرارات تخصيص الموارد التي ترافقها يمكن أن تكون أكثر أهمية (5).
لقد حققت المملكة العربية السعودية (KSA) -على مدى العقود الأربعة الماضية- تطوراً اجتماعياً واقتصادياً مهماً. وفي شهر أبريل (2016م)، أطلقت المملكة الرؤية السعودية للعام (2030)، وهي خطة طموحة طويلة الأمد للتنمية المستدامة. ولبناء القدرات المؤسسية اللازمة لتحقيق أهداف الرؤية، تم إطلاق برنامج التحول الوطني (NTP2020) في شهر يونيو من العام (2016م) عبر (24) مؤسسة حكومية تعمل في القطاعات الاقتصادية والتنموية، ومن بينها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية (MHRSD) المسؤولة عن عدد من أهداف برنامج التحول الوطني للعام (2020)، وكذلك عن الإجراءات اللازمة لتحقيقها.
وقد حظيت مؤخراً قضية عمل الأطفال في المملكة باهتمام متزايد من قبل واضعي السياسات والأنظمة ومنظمات رعاية الأسرة، فقد سبق أن صدّقت المملكة -في العام (2001)- على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (182) بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال الصادرة في عام (1999). وعقب ذلك- في العام (2014م)- صدقت على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (138) بشأن الحد الأدنى لسن الاستخدام الصادرة في عام (1973م). والمملكة ملتزمة بتحقيق خطة التنمية المستدامة للعام (2030) (أهداف التنمية المستدامة SDG)، التي تتضمن هدف القضاء على جميع أشكال عمل الأطفال بحلول العام (2025م) (6).
وتجدر الإشارة إلى أن المادة (الأولى) من اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (138) تنص على أن «تتعهد كل دولة عضو، تكون هذه الاتفاقية نافذة بالنسبة لها، باتباع سياسة وطنية ترمي إلى القضاء فعلياً على عمل الأطفال…». ووفقاً لأحكام هذه المادة، طالبت لجنة خبراء منظمة العمل الدولية المعنية بتطبيق الاتفاقيات والتوصيات (CEACR) رسمياً في العام (2016م) بأن «تقدم الحكومة معلومات عن أي تقدم محرز فيما يتعلق باعتماد السياسة الوطنية المقترحة للقضاء على عمل الأطفال وتنفيذها»(7). وحرصاً على الامتثال لالتزامها بتطبيق الاتفاقية، قررت حكومة المملكة وضع سياسة وطنية لمنع عمل الأطفال.
بالإضافة إلى الوفاء بالتزامها الدولي، تدرك المملكة الحاجة إلى اتباع نهج استباقي (وقائي) لمنع عمل الأطفال في البلاد. وقد نجحت العديد من الدول في تحقيق مستويات أقل من عمل الأطفال مقارنة بدول أخرى ذات مستويات الدخل القومي المماثلة (أو الأعلى)، وهو ما يعزى أساساً إلى كونها تتخذ خيارات سياسات أفضل أو أكثر ملاءمة (8) لذلك، وعلى الرغم من قلة المعلومات المتعلقة بحجم وخصائص عمل الأطفال في المملكة، لا بد من وضع إطار لضمان مراقبة وتجنب أي شكل محتمل من عمل الأطفال في المملكة. وتحقيقاً لهذه الغاية، ينبغي اعتبار السياسة الوطنية الحالية لمنع عمل الأطفال أداةً رئيسة لتحقيق هذا الهدف.
من أجل توجيه عملية صياغة السياسة هذه، تم تشكيل فريق عمل من جهات حكومية وعضوية ممثلي أصحاب العمل وممثلي اللجان العمالية لإعداد مشروع السياسة الوطنية؛ حيث شكل الفريق بناء على الأمر السامي رقم 22163 وتاریخ 12/5/1438هـ برئاسة وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وعضوية: وزارة الداخلية، ووزارة الخارجية، ووزارة العدل، ووزارة التجارة، ووزارة المالية، وهيئة حقوق الإنسان، والهيئة العامة للإحصاء، ومجلس الغرف السعودية، واللجنة الوطنية للجان العمالية، وتمت الاستعانة -وفق البند (ثالثاً) من هذا الأمر السامي- بوزارة التعليم ووزارة الاقتصاد والتخطيط والنيابة العامة ومجلس شؤون الأسرة.
2- الأطر القانونية والمؤسسية الحالية
1.2. الإطار القانوني المتعلق بعمل الأطفال وحماية الأطفال
سجلت المملكة خطوات متقدمة جديرة بالثناء في مجال حماية حقوق الطفل، من خلال وسائل تشريعية وتنفيذية داعمة لتوفير هذه الحماية. وقد أقرت المملكة اتفاقية حقوق الطفل (CRC) بالمرسوم الملكي رقم (م/7) وتاريخ 16 /4/ 1416هـ، وأقرت كذلك البروتوكولين الاختياريين لاتفاقية حقوق الطفل بالمرسوم الملكي رقم (م/38) والمرسوم الملكي رقم (م/39) في 1431/7/18هـ، والمتعلقة بحماية الأطفال في النزاعات المسلحة وحماية الأطفال من الاستغلال الجنسي التجاري. وصدر نظام حماية الطفل بالمرسوم الملكي رقم (م/14) بتاريخ 3 /2/ 1436هـ، بعد اعتماده والموافقة عليه بقرار مجلس الوزراء رقم (50) بتاريخ 1436/1/24هـ.، وقد عرف النظام -في مادته الأولى- الطفل بأنه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره. وهو تعريف ينسجم مع أحكام اتفاقية حقوق الطفل (9) التي صادقت عليها المملكة. ويشتمل النظام على مفهوم حماية الأطفال من جميع أشكال سوء المعاملة أو الإهمال التي قد يتعرض لها الطفل، وتغطي المادة الثانية منه الإيذاء الجسدي أو النفسي أو الاجتماعي أو الجنسي أو الإهمال، ويغطي النظام - بشكلٍ واضحٍ - جميع أنواع الأذى وسوء المعاملة، بما في ذلك الاستغلال الاقتصادي. أمّا ما يتعلق بمسألة التسول، إحدى أشكال عمل الأطفال، فيعتبرها النظام خطراً قد يتسبب في انحراف سلوك الطفل، وقد يؤدي إلى أفعال غير مشروعة خارج نطاق وسلطة الوالدين أو مقدمي الرعاية.
علاوة على ذلك، يتمتع الأطفال العاملون بالحماية بناءً على التشريعات والقوانين واللوائح السعودية على النحو التالي:
أ- نظام حماية الطفل: وفقاً للمادة (الثامنة) من النظام التي نصت على: «دون الإخلال بما ورد في نظام العمل، يحظر تشغيل الطفل قبل بلوغه سن الخامسة عشرة، كما يحظر تكليفه بأعمال قد تضر بسلامته أو بصحته البدنية أو النفسية، أو استخدامه في الأعمال العسكرية أو النزاعات المسلحة». ويحظر النظام -في مادته التاسعة- استغلال الطفل جنسياً، أو تعريضه لأشكال الاستغلال الجنسي، أو المتاجرة به في الإجرام أو التسول. إضافة إلى ذلك، نصت المادة العاشرة من النظام على حظر استخدام الأطفال في أماكن إنتاج المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية أو تداولها بأي شكل من الأشكال.
ب- نظام العمل الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/51) وتاريخ 23 /8/ 1426هـ، والمعدل بالمرسوم الملكي رقم (م/24) وتاريخ 12 /5/ 1434هـ، والمعدل بالمرسوم الملكي رقم (م/46) وتاريخ 5 /6/ 1436هـ المعدل بالمرسوم الملكي رقم (م/14) وتاريخ 22 /2/ 1440هـ المعدل بالمرسوم الملكي رقم (م/134) وتاريخ 27 /11/ 1440هـ المعدل بالمرسوم الملكي رقم (م/5) وتاريخ 7 /1/ 1442هـ: الذي عرّف «الحدث» بأنه الشخص الذي أتم الخامسة عشرة من عمره ولم يبلغ الثامنة عشرة، وتحظر المادة (161) منه تشغيل الأحداث في الأعمال الخطرة أو الصناعات الضارة، أو في المهن والأعمال التي يحتمل أن تعرض صحتهم أو سلامتهم أو أخلاقهم للخطر، بسبب طبيعتها أو الظروف التي تؤدى فيها، وقضى بأن يحدد الوزير -بقرار منه- الأعمال والصناعات والمهن المشار إليها. وفي تنفيذ أحكام المادة (161) منه حددت المادة (32) من اللائحة التنفيذية بعض الأعمال الخطرة والتي يحظر عمل الأحداث الذين تتراوح أعمارهم ما بين (15-18) فيها. ويحظر النظام تشغيل الأحداث أثناء فترة من الليل لا تقل عن اثنتي عشرة ساعة متتالية إلا في الحالات التي يحددها الوزير بقرار منه. وفي جميع الحالات، يجب ألا يعمل الأحداث أكثر من ست ساعات في اليوم، طوال أشهر السنة، ماعدا شهر رمضان حيث تنخفض ساعات العمل فيه إلى أربع ساعات فقط. ويجب ألاّ يعمل الأحداث خلال عطلات نهاية الأسبوع أو العطلات الرسمية أو أيام العطلة السنوية، وعلى صاحب العمل الحصول على شهادة صحية للحدث العامل لضمان سلامته. بالإضافة إلى ذلك، يدعو النظام إلى إجراء فحوص طبية دورية متكررة للتأكد من أن العمل الذي يقوم به الحدث لا يؤثر على صحته مع مرور الوقت. ولا تسري الأحكام المنصوص عليها في هذا النظام على العمل الذي يقوم به الأطفال والأحداث داخل المدارس أو مراكز التدريب لأغراض التعليم العام أو التقني أو المهني أو التكنولوجي.
2٫2. الإطار المؤسسي المتعلق بعمل الأطفال وحماية الطفل
تم إنشاء مجلس شؤون الأسرة بقرار مجلس الوزراء رقم (443) وتاريخ 20 /10/ 1437هـ برئاسة وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية؛ من أجل دعم وتعزيز مكانة الأسرة ودورها في المجتمع، إلى جانب الحفاظ على أسر قوية متماسكة تعتني بأطفالها وتتوافق مع القيم والمثل العليا الدينية والأخلاقية.
بالإضافة إلى ذلك، تشكّل المؤسسات والإدارات التالية كيانات لحماية الطفل، ومن مسؤولياتها التصدي لعمل الأطفال:
• برنامج الأمان الأسري الوطني.
• الحماية الاجتماعية -وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية-.
• النيابة العامة.
• هيئة حقوق الإنسان.
• الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان.
• حقوق الإنسان -وزارة الداخلية-.
• حقوق الإنسان -وزارة التعليم-.
• برنامج الطفولة -وزارة الصحة-.
• وزارة العدل.
3- السياسة الوطنية لمنع عمل الأطفال:
1٫3. الرؤية
مجتمع سعودي خال من عمل الأطفال، حيث يتمتع الأطفال بحقهم في الطفولة والتعليم والعيش السوي والتنمية الكاملة لإمكاناتهم.
2٫3. المهمّة
توفير بيئة مواتية لمنع عمل الأطفال والقضاء عليه في جميع أنحاء المملكة. وتهدف هذه السياسة، جنباً إلى جنب مع خطة العمل المصاحبة لها، إلى وضع مبادئ توجيهية لجهود المملكة لمنع عمل الأطفال والقضاء عليه وتحديد أولويات عمل الحكومة وأصحاب المصلحة.
3٫3. المبادئ التوجيهية
النهج القائم على الحقوق والتنمية
تستند هذه السياسة إلى الاعتراف بأن جميع الأفراد، كباراً وصغاراً، يتمتعون بحقوق. غير أنه، وبسبب افتقار الأطفال إلى المعرفة أو الخبرة أو النمو الجسدي البالغين، فهم بحاجة لعناية إضافية لضمان الحماية اللازمة ودرء الأذى عنهم بحكم سنهم.
ويجب أن يتمتع الأطفال، كما هو منصوص عليه في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، بالحق في الحصول على التعليم الجيد واللعب. خلافاً لذلك، فإن عمل الأطفال يخلق عواقب سلبية على التنمية الاقتصادية وسوق العمل وكذلك على نمو الأطفال، باعتبارهم «رأس مال بشري» يساهم في التنمية الاقتصادية المستقبلية.
توحيد الجهود لمكافحة عمل الأطفال
يجب أن يصبح القضاء على عمل الأطفال هدفاً للسياسة الوطنية وموضوعاً متشعباً وشاملاً بين الجهات الحكومية التي تتعامل مع القضايا ذات الصلة بعمل الأطفال، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، التعليم والعمل ومؤسسات حماية الطفل والبرامج الاجتماعية والاقتصادية.
الرصد وجمع البيانات
يُعدّ جمع البيانات والمعلومات الإحصائية الدقيقة والموثوق بها المفتاح لتصميم أي سياسة أو برنامج يهدف إلى القضاء على عمل الأطفال ومنعها. وتحقيقاً لهذه الغاية، يجب تنسيق عملية جمع البيانات على المستوى الوطني لتمكين مراقبة وتحليل التغييرات والتطورات في انتشار عمل الأطفال وأنواعها مع مرور الوقت في المملكة.
4٫3 عناصر السياسة الرئيسة
أ- توسيع قاعدة المعارف المتعلقة بعمل الأطفال
تعتبر المعلومات حول عمل الأطفال بالمملكة العربية السعودية محدودة فيما تبقى الدراسات النوعية نادرة. وقد ركزت هذه الدراسات -بشكل رئيس- على النظر في محددات عمل الأطفال، في حين لم تتناول الدراسات الاستقصائية المعيشية للأسر حتى الآن قضايا عمل الأطفال. ولذا، فمن المستحيل حالياً معرفة وقياس حجم عمل الأطفال وانتشاره وتوزيعه على المناطق والقطاعات الاقتصادية والمهن.
وعليه، ومن أجل تقييم الحجم العام لعمل الأطفال وخصائصه وتوزيعه في المملكة، لا بد من تجميع المعلومات الكمية والنوعية حول عمل الأطفال. واستجابة لهذه الحاجة، يشرف مجلس شؤون الأسرة على إعداد دراسة نوعية حول عمل الأطفال في المملكة. بالإضافة إلى ذلك، تعتزم وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، بالتعاون مع الهيئة العامة للإحصاء (GASTAT) ومنظمة العمل الدولية (ILO)، إنشاء قاعدة بيانات وطنية لعمل الأطفال، تعتمد على البيانات الإحصائية المتاحة حالياً من المسوحات الأسرية وغيرها من المصادر. وسيتم استخدام قاعدة البيانات هذه أداةً لرصد عمل الأطفال، وسيتم تطويرها وتخصيبها بالبيانات الجديدة المتعلقة بعمل الأطفال مجرد توفرها.
وبناءً على هذه الجهود، سيتم إجراء مسح وطني حول عمل الأطفال (NCLS) بمساعدة تقنية من قبل منظمة العمل الدولية، وسوف يعتمد هذا المسح على منهجية استقصاء برنامج المعلومات الإحصائية والرصد المتعلق بعمل الأطفال (ILO-SIMPOC) ، التي سبق أن تم تطبيقها في العديد من البلدان بجميع أنحاء العالم. وسيغطي المسح عينة تمثيلية من الأسر من مختلف مناطق المملكة، مع التركيز على الأطفال العاملين الذين تتراوح أعمارهم بين 5-17 سنة، بما في ذلك أسر العمال الوافدين المقيمين في المملكة، وسيتم تصميمه لجمع البيانات حول القطاعات والمهن والمجالات المختلفة التي قد تسجل فيها حالات عمل الأطفال؛ لتقييم مستويات مخاطر الأطفال العاملين المعرضين للمخاطر، وللحصول على بیانات سلاسل زمنية بشكل منتظم حول المستويات والخصائص الحالية لعمل الأطفال؛ من أجل رصد وتقييم الاتجاهات مع مرور الوقت، وسيتم تصنيف التقديرات المتعلقة بالأطفال العاملين وبعمل الأطفال بحسب الآتي:
- نوع الجنس (ذكر - أنثی).
- الفئات العمرية، لتعكس المستويات المدرسية والحد الأدنى للسن القانونية للعمل.
- الجنسية (سعودي مقابل غير سعودي).
- المنطقة.
- الصناعة / المهنة.
- الحالة الوظيفية.
وسوف تشمل سائر المعلومات التي سيتم جمعها من خلال المسح الوطني حول عمل الأطفال، من بين أمور أخرى:
أ) الأرباح وساعات العمل وأيام العمل في الأسبوع أو الشهر.
ب) مستويات التعليم / حالة التعليم.
ج) أسباب العمل / التسرب المدرسي.
د) قضايا الصحة والسلامة في مكان العمل.
تحقيقاً لهذه الغاية، يجب تنفيذ المسح الوطني حول عمل الأطفال مرة واحدة على الأقل كل عشر سنوات.
ب- تحسين القانون وإنفاذه والملاحقة القضائية
لا يمكن للتشريع وحده القضاء على عمل الأطفال. ومع ذلك، من المستحيل القضاء على عمل الأطفال دون تشریع مناسب وفعال.
من هنا، يقدم الإطار التشريعي المتين العديد من المساهمات على صعيد الجهود المبذولة لمكافحة عمل الأطفال، فهو يترجم أهداف ومبادئ المعايير الدولية إلى قانون وطني، ويحدد ويضفي الطابع النظامي على واجب الدولة نحو حماية أطفالها، ويحدد الحقوق والمسؤوليات، وينص على العقوبات المفروضة على المنتهكين، ويوفر الإنصاف القانوني للضحايا. ودائماً ما يرتبط الالتزام القانوني بحماية الأطفال من عمل الأطفال، والذي يمكن تحقيقه من خلال التشريعات، ارتباطاً وثيقاً بالتقدم الملموس بالحد من عمل
الأطفال. وهناك أدلة كثيرة على الترابط القوي القائم بين تصديق المعايير القانونية الدولية وانخفاض عدد حالات عمل الأطفال (10).
وجزءاً من الالتزامات المتعلقة بالتصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 138، ستعتمد وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية قائمة وطنية للأعمال الخطرة المحظورة على الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً، تستند إلى المبادئ التوجيهية لمنظمة العمل الدولية.
العمل الخطر وقائمة الأعمال الخطرة بحسب ماتنص عليه اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 المادة 3
يشمل تعبير «أسوأ أشكال عمل الأطفال» في مفهوم هذه الاتفاقية ما يلي:
(…) (د) الأعمال التي يرجح أن تؤدي، بفعل طبيعتها أو بفعل الظروف التي تزاول فيها إلى الإضرار بصحة الأطفال وسلامتهم أو سلوكهم الأخلاقي.
المادة 4
- تحدد القوانين أو الأنظمة الوطنية أو السلطة المختصة بعد التشاور مع المنظمات المعنية لأصحاب العمل والعمال، أنواع العمل المشار إليها في المادة 3 (د)، مع أخذ المعايير الدولية ذات الصلة بعين الاعتبار، ولاسيما الفقرتين 3 و4 من توصية أسوء أشكال عمل الأطفال 1999.
- تحدد السلطة المختصة بعد التشاور مع المنظمات المعنية لأصحاب العمل والعمال، مكان وجود الأعمال التي حددت على أنها من هذا النوع.
- تقوم السلطة المختصة بفحص القائمة المنظمة بأنواع العمل التي تم البت بشأنها بمقتضى الفقرة 1 من هذه المادة ومراجعتها عند الاقتضاء بصورة دورية، وبالتشاور مع المنظمات المعنية وأصحاب العمل والعمال.
وفقاً لنظام العمل السعودي، يبلغ الحد الأدنى لسن القبول في العمل 15 عاماً. وينص القرار الوزاري رقم (178743) بتاريخ 1440/9/27ـ على عقوبات، منها غرامات قدرها عشرون ألف ريال سعودي تتعدد بتعدد الأطفال، في حالات تشغيل الأطفال دون سن 15 سنة دون مراعاة أحكام المادة (167) من نظام العمل. ويجوز لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السماح لتشغيل أشخاص تتراوح أعمارهم بین 13 و15عاماً في أعمال خفيفة. إلا أن النظام الحالي لا يوضح ما تشمله هذه الأعمال.
لذلك، سيتوجب تطوير قائمة المهن والأنشطة التي يجوز فيها عمل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاماً، وذلك في ظل ظروف محددة بوضوح. وستشمل العملية التشاورية لتطوير قائمة «العمل الخفيف» خبراء في مجال الصحة والسلامة المهنيتين، فضلاً عن منظمات أصحاب العمل والعمال من بين آخرين.
الأعمال الخفيفة، بحسب ماتنص عليه اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 138 المادة 7 منها، على النحو الآتي:
1- يجوز للقوانين أو اللوائح الوطنية أن تسمح باستخدام أو عمل الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 13 و 15 سنة في أعمال خفيفه:
(أ) يحتمل أن تكون ضارة بصحتهم أو نموهم.
(ب) لا تعطل مواظبتهم في المدرسة واشتراكهم في برامج التوجيه أو التدريب المهنيين التي تقرها السلطة المختصة، ولا تضعف قدرتهم على الاستفادة من التعليم الذي يتلقونه.
(…)
2- تحدد السلطة المختصة الأنشطة التي يجوز السماح بالاستخدام أو العمل فيها بناء على الفقرتين 1 و2 من هذه المادة وتقرر عدد الساعات والشروط التي يجوز فيها القيام بهذا الاستخدام أو العمل بالرغم من وجود إطار قانوني متعلق بعمل الأطفال، إلا أن الإجراءات الفعلية والفعالة لمكافحة عمل الأطفال قد يعوقها ضعف تطبيق القانون والمقاضاة. لهذا السبب، تجب معالجة الثغرات الحالية في التشريعات المتعلقة بعمل الأطفال في المملكة العربية السعودية وأيضاً المتعلقة بإنفاذ هذه التشريعات من خلال -مثلاً- تعزيز قدرة مفتشي العمل وضباط الشرطة لجهة اكتشاف ومراقبة جرائم علي الأطفال ومحاكمة المسؤولين عنها وفقاً للنظام.
ت- تعزيز العمل اللائق للبالغين والشباب في السن القانونية للعمل
يشكل العمل اللائق بمقابل، والأمن بشكل صحيح للبالغين والشباب في سن العمل؛ حجر الأساس لمكافحة فقر الأسرة والمجتمع، ويكون عمل الأطفال أكثر انتشاراً في الحالات التي يعجز فيها البالغون والشباب في سن العمل عن الوصول إلى حقوقهم في العمل اللائق وحيث تفشل الحماية الاجتماعية في ملء فجوة الفقر الناجم عن عدم وجود عمل لائق. وتجدر الإشارة هنا إلى وجود رابط قوي إلى عمل الأطفال والعمل اللائق على مستويات مختلفة. وقبل كل شيء، فإن العمل عند البالغين والشباب ممن هم في السن القانونية للعمل الذي يوفر دخلاً عادلاً، وأمناً في مكان العمل، وحماية اجتماعية؛ يعني أن الأسر ليست مضطرة إلى اللجوء إلى عمل الأطفال لتلبية الاحتياجات الأساسية أو التعامل مع حالات التقلبات الاقتصادية. وبدوره، يقتضي العمل اللائق تمكين الأشخاص العاملين، وبناء علاقات عمل قوية، والحوار الاجتماعي، والتي هي بدورها معادية لعمل الأطفال (11).
في هذا الإطار، هناك قطاعان يكثر فيهما عمل الأطفال على المستوى الدولي وهما قطاعا الزراعة والاقتصاد الحضري غير المنظم.
العمل اللائق في مجال الزراعة
على الصعيد العالمي، تعمل الغالبية العظمى من الأطفال المستخدمين في عمل الأطفال في مجال الزراعة، ويعمل كثير منهم إلى جانب والديهم اللذين لا يحصلان على رواتب كافية في المزارع وغيرها من المؤسسات الزراعية المنظمة والمسجلة والتي يملكها صاحب عمل ثالث.
لكن الحصة الأكبر، أي ربما ثلثي الأطفال أو أكثر، تؤدي عمل الأطفال كعمل عائلي غير مدفوع الأجر في المزارع والمؤسسات العائلية. ويقوم الأطفال بكذا عمل عادةً لأن الأسرة تعتمد على الدخل الإضافي الذي يولده عمل هؤلاء الأطفال، أو بسبب اعتماد المؤسسة العائلية على عمل الأطفال من أجل تيسير مصالحها (12).
وبحسب ما يتم تأكيد الحاجة إلى التصدي لعمل الأطفال في الزراعة بالمملكة من خلال البيانات القادمة، يجب اتخاذ تدابير لدعم العمل اللائق لأولئك الذين يكسبون رزقهم في الاقتصاد الريفي، والحد من الاعتماد على عمل الأطفال في المزارع والمؤسسات العائلية من خلال جعلها قابلة للحياة بما يكفي لتوظيف البالغين في العمل اللائق، وتنويع الإنتاج والاستثمار في تجهيز الأغذية والبنية التحتية.
العمل اللائق في الاقتصاد الحضري غير المنظم
ينتمي العمال في الاقتصاد الحضري غير المنظم إلى الفئات الأكثر ضعفاً والأقل حمايةً، فالاقتصاد غير المنظم يعرض الأشخاص العاملين لخطر الحرمان من الحقوق في العمل، بما في ذلك غياب الحوار الاجتماعي بين أطراف الإنتاج، وغياب الفرص الكافية للتوظيف الجيد وضمان الصحة والسلامة المهنيتين، والحماية الاجتماعية غير الكافية، وانخفاض الإنتاجية. وكل هذه الأمور تتعارض مع مفهوم العمل اللائق وتزيد من احتمال اعتماد الأسر المعيشية العاملة على عمل الأطفال كاستراتيجية سلبية للتكيف. ونتيجة لذلك، يتميز الاقتصاد غير المنظم عالمياً بتركيز كبير على الأطفال في عمل الأطفال والعاملين الشباب في وظائف منخفضة الإنتاجية مع ظروف عمل صعبة (13). وبحسب ما يتم تأكيد الحاجة إلى التصدي لعمل الأطفال في الاقتصاد الحضري غير المنظم في المملكة من خلال البيانات القادمة، يجب اتخاذ تدابير لمواصلة تعزيز العمل المنظم من خلال سياسات الاقتصاد الكلي والسياسات القطاعية الدائمة للتشغيل والتي تركز بشكل خاص على تطوير المؤسسات المستدامة المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وتقليل العمالة غير المنظمة عن طريق خفض تكلفة التحول إلى الاقتصاد المنظم من خلال إنشاء سياسة تمكينية وبيئة تنظيمية تقلل من الحواجز التي تعرقل الانتقال إلى الطابع المنظم مع حماية حقوق العمال، بالإضافة إلى زيادة فوائد المنشآت المنظمة من خلال خدمات تطوير الأعمال، والاستثمار في تنمية المهارات وفي فرص التعلم مدى الحياة.
ث- تحسين العمل الاجتماعي وآليات الحماية الاجتماعية وربطها بالبرامج القائمة
يزيد الفقر من حاجة الأسرة إلى تعجيل مشاركة الأطفال في العمل وتأجيل أو الاستغناء عن الاستثمار في تعليمهم. وبعبارة أخرى، تضطر الأسر الفقيرة إلى تشغيل الأطفال على حساب تعليمهم من أجل تلبية الاحتياجات الأساسية والتعامل مع حالات التقلبات الاقتصادية. ويمكن أن يؤثر التعرض للصدمات، مثل فقدان الوظيفة المفاجئ، أو المرض، أو إصابة العائل أو أفراد الأسرة الآخرين، في قرارات الأسرة المتعلقة بعمل الأطفال. ففي غياب آليات المواجهة الأخرى، تضطر الأسر إلى اللجوء إلى عمل الأطفال كونه آلية احتياطية لسد الحاجة. ولهذا السبب، تُعد أنظمة الحماية الاجتماعية، بما في ذلك أرضيات الحماية الاجتماعية، عناصر حيوية للسياسات الهادفة للحد من الفقر ومنعه والقضاء على عمل الأطفال (14).
تجدر الإشارة إلى أن المملكة تسجل واحدة من أعلى معدلات الإنفاق على شبكة الأمان الاجتماعي للفرد الواحد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (15).
وهذا مما يدل على أن البلاد تمتلك الوسائل اللازمة للتصدي للفقر. ومن أجل ضمان وصول برامج الحماية الاجتماعية بشكل فعال إلى الأسر التي يشارك أطفالها في عمل الأطفال أو تلك الأكثر عرضة لخطر عمل الأطفال، ستراجع الحكومة تصميم برامج الحماية الاجتماعية الحالية مثل برامج الدعم المالي وبرامج الأشغال العامة وغيرها من برامج الحماية الاجتماعية، وستشمل هذه المراجعة آليات الاستهداف.
ولطالما تم الاعتراف بالدور الأساسي للعمل الاجتماعي في الحد من الفقر وتحسين الصحة وتعزيز رفاهية الأطفال والأسر وزيادة فرص العمل. وتتمثل الوظيفة الأساسية للعمل الاجتماعي في ربط الأفراد
والجماعات المستهدفة والمجتمعات بالموارد المتاحة. لذلك، فإن العمل الاجتماعي وحماية الطفل يحتلان مكان الصدارة في رؤية السعودية 2030، وقد بدأت الحكومة بالفعل بالاستثمار في بناء القدرات عبر نظام حماية الطفل، بما في ذلك منع العنف ضد الأطفال.
ومن أجل ضمان حصول الأطفال الذين يشتركون في عمل الأطفال أو المعرضين لخطره على خدمات عالية الجودة، وإعادة تأهيليهم بطريقة شاملة ومستدامة وصديقة للطفل، وعدم الاكتفاء بسحبهم من الاستغلال فحسب؛ سيتم تحسين قدرة مديري القضايا والأخصائيين الاجتماعيين الآخرين لجهة تعزيز عملية تقييم وإدارة القضايا الفردية لعمل الأطفال وتعقب تسرب الأطفال من المدرسة.
علاوة على ذلك، يجب اتخاذ تدابير لضمان عدم السماح للأطفال دون سن 15 عاماً بالعمل في إطار البرامج الحكومية الحالية، ومنع هؤلاء الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 من المشاركة في أعمال خطرة، على سبيل المثال العمل لساعات طويلة في الخارج تحت الشمس.
ج- تعزيز فرص التعليم الجيد لجميع الأطفال
ترتبط الجهود المبذولة للقضاء على عمل الأطفال ارتباطاً وثيقاً بضمان توفير تعلیم شامل وعادل للجميع (هدف التنمية المستدامة رقم 4). وهناك إجماع واسع على أن الطريقة الوحيدة الأكثر فاعلية لوقف تدفق الأطفال في سن الدراسة إلى عمل الأطفال تتمثل في تحسين فرص الحصول على التعليم ونوعيته، بحيث تُتاح للعائلات فرصة الاستثمار في تعليم أطفالها والتأكيد على أن تعليم الأطفال يعود بالفائدة بشكل يفوق الاستثمار المتأتي من عملية إشراك الأطفال في العمل. وبالعكس، عندما تكون العائدات المتوقعة من التعليم منخفضة أو عندما تكون تكاليف التعليم غير متيسرة، من المحتمل أن تنظر الأسر إلى التعليم على أنه بديل أقل جاذبية أو غير قابل للتطبيق من أجل أطفالهم. وفي الوقت نفسه، يُعد عمل الأطفال واحداً من العقبات الرئيسة التي تحول دون تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، حيث إن المشاركة في عمل الأطفال تكون عموماً على حساب قدرة الأطفال على الالتحاق بالمدرسة (16).
يشكل التسرّب من المدرسة عادة مصدر قلق للدول. لذلك، ستعتمد وزارة التعليم الإجراءات اللازمة لضمان توفير التوجيه للمعلمين ومديري المدارس حول كيفية تعليم الأطفال حقوقهم ومراقبة الحضور المدرسي ودعم الأطفال المعرضين لخطر التسرب.
ح- تنفيذ أنشطة التوعية
لا يمكن إقناع الأطفال وأسرهم وكذلك أصحاب العمل بالقضاء على عمل الأطفال
إن لم يعوا ماهية عمل الأطفال ومخاطره. علاوة على ذلك، قد يؤدي النقص في الدعم من قبل صانعي السياسات ومن المجتمع إلى قبول أشكال معينة من عمل الأطفال. وتجدر الإشارة إلى أن أهم الخبرات والدروس المستقاة دولياً في مكافحة عمل الأطفال تتعلق بمجالات التوعية والتهيئة الاجتماعية.
لذلك، يجب الترويج للتوعية والإرشاد على مستوى وسائل الإعلام ومنظمات أصحاب العمل والعمال والمدرسين ومديري المدارس والوالدين والأطفال. وستسهم جهود التوعية في نهاية المطاف في فهم أفضل لمسألة عمل الأطفال والحاجة إلى توحيد الجهود بين مختلف الأطراف وتكریس معارفهم وخبراتهم مجتمعة من أجل القضاء على عمل الأطفال والوقاية منه في المملكة.
4- حوكمة السياسة
بالنظر إلى الطبيعة المتعددة الأبعاد لعمل الأطفال، يتم تنفيذ هذه السياسة من قبل حكومة المملكة بالتعاون مع منظمات أصحاب العمل والعمال والمجتمع المدني والشركاء الآخرين.
وتحقيقاً لهذه الغاية، سيقوم فريق العمل بتنفيذ هذه السياسة ومراجعتها. فبالإضافة إلى مجلس شؤون الأسرة ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، يضم فريق العمل: وزارة الداخلية، ووزارة الخارجية، ووزارة العدل، ووزارة التعليم، ووزارة الإعلام، ووزارة الاقتصاد والتخطيط، ووزارة المالية، ووزارة التجارة، والنيابة العامة، وهيئة حقوق الإنسان، والهيئة العامة للإحصاء، ومجلس الغرف السعودية، واللجنة الوطنية للجان العمالية.
أما ما يتعلق بالعناصر المحددة لهذه السياسة فيجب على وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ومجلس شؤون الأسرة أن يكونا المسؤولين الرئيسين على تنفيذ عناصر السياسة الوطنية بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة بحسب ما تقضيه خطة العمل الوطنية.
٥- تفعيل ومراجعة السياسة
سينظر فريق العمل سالف الذكر في تنفيذ وتحديث خطة العمل الوطنية لمنع عمل الأطفال في المملكة العربية السعودية، تمشياً مع رؤية السعودية 2030 والهدف 8،7 من أهداف التنمية المستدامة. وستغطي خطة العمل هذه مدة ثلاث سنوات، وتحدد النواتج والأنشطة والجداول الزمنية والمؤشرات لتحقيق أهداف السياسة الحالية.
وتظل المراجعة الدورية لوثيقة السياسة ولخطة العمل، وتحديداً في ضوء البيانات الجديدة الناشئة؛ ضرورية لضمان اتخاذ تدابير ملموسة وذات صلة وفعالة نحو الهدف النهائي المتمثل في وجود مجتمع سعودي خالٍ من عمل الأطفال.
(1) الفقرة (1) من المادة السابعة من الاتفاقية رقم (138).
(2) الفقرة (4) من المادة الثانية من الاتفاقية رقم (138).
(3) الفقرة (4) من المادة السابعة من الاتفاقية رقم (138).
(4) «يجوز للقوانين أو اللوائح الوطنية أن تسمح باستخدام أو عمل الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بین 13 و15 سنة في أعمال خفيفة:
(أ) لا يحتمل أن تكون ضارة بصحتهم أو نموهم.
(ب) لا تعطل مواظبتهم في المدرسة واشتراكهم في برامج التوجيه أو التدريب المهنيين التي تقرها السلطة المختصة، ولا تضعف قدرتهم على الاستفادة من التعليم الذي يتلقونه».
(5) منظمة العمل الدولية: «إنهاء عمل الأطفال بحلول العام 2025 مراجعة السياسات والبرامج». 2017.
(6) الهدف 7٫8 من أهداف التنمية المستدامة: «اتخاذ تدابير فورية وفعالة للقضاء على السخرة وإنهاء العبودية الحديثة والاتجار بالبشر وتأمين حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والقضاء عليها بما في ذلك تجنيد الأطفال واستخدامهم كجنود، وإنهاء عمل الأطفال بكل أشكاله بحلول العام 2025».
(7) لجنة الخبراء المعنية بتطبيق الاتفاقيات والتوصيات -منظمة العمل الدولية: طلب مباشر إلى حكومة المملكة العربية السعودية، تم نبنيه عام 2016 ونشره في الدورة الـ (106) لمؤتمر العمل الدولي (2017).
(8) 7 منظمة العمل الدولية: «إنهاء عمل الأطفال بحلول العام 2025: مراجعة السياسات والبرامج». 2017.
(9) المادة (الأولى) من الاتفاقية: لأغراض هذه الاتفاقية، يعني الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه.
(10) منظمة العمل الدولية: «إنهاء عمل الأطفال بحلول العام 2025 مراجعة السياسات والبرامج 2017.
(11) منظمة العمل الدونية: «إنهاء عمل الأطفال بحلول العام 2025: مراجعة السياسات والبرامج» 2017.
(12) المرجع السابق نفسه.
(13) المرجع السابق نفسه.
(14) المرجع السابق فيه.
(15) مجموعة البنك الدولي: «حالة شبكات الأمان الاجتماعي».