انطلاق أعمال منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع بحضور أمير المنطقة




الرياض - واس

تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ونيابة عنه حفظه الله، حضر صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، يوم الإثنين 25 شعبان 1446هـ الموافق 24 فبراير 2025م، بدء أعمال منتدى الرياض الدولي الإنساني في دورته الرابعة، تحت عنوان «استكشاف مستقبل الاستجابة الإنسانية»، وذلك في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات بالرياض.

وكان في استقبال سموه لدى وصوله مقر الحفل، صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، ومعالي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة، وعددٌ من مسؤولي المركز.
وعقب السلام الملكي، بُدئ الحفل بتلاوة آيات من القرآن الكريم.
ثم رحّب سمو أمير منطقة الرياض بالجميع في المملكة العربية السعودية، وقال: يشرّفني أن أنقل لكم تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، راعي منتدى الرياض الدولي الإنساني، وقد أنابني أيّده الله، لإلقاء كلمته في الدورة الرابعة للمنتدى:
«في وقت يشهد فيه العالم تزايد الكوارث والأزمات التي فاقمت الاحتياجات والتحديات الإنسانية، حيث ينعقد هذا المنتدى لتسليط الضوء على الفئات الأكثر تضرراً وتأثراً بتلك الظروف، وتوفير منصة لمناقشة أهم التحديات التي تعيق العمل الإنساني، والتي لا يمكن تجاوزها إلا بتضافر جهود المجتمع الدولي، اليوم نحتفي بالمسيرة المباركة للمملكة العربية السعودية في العمل الإنساني، المستمدة من ديننا الإسلامي الحنيف والقيم النبيلة التي وضعها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله، والتي قدّمت المملكة خلالها الدعم والمساندة للعديد من الدول الشقيقة والصديقة في مواجهة الكوارث والأزمات بمبلغ تجاوز 100 مليون دولار أمريكي، وتوجّت هذه المسيرة بتأسيس مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية قبل عقد من الزمان، الذي أسهم بفضل الله عز وجل، في تقديم المساعدات للملايين من الفئات الأكثر احتياجاً في أكثر من 100 دولة من خلال تنفيذ أكثر من 3,000 مشروع إنساني بمبلغ يتجاوز 7 مليارات دولار أمريكي».
وأبدى سمو أمير منطقة الرياض تطلعه إلى أن تكون أعمال هذا المنتدى انطلاقة جديدة لتعزيز التعاون، وتوحيد الجهود وإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة تسهم في تطوير مستقبل الاستجابة الإنسانية.
بعد ذلك ألقى الدكتور عبدالله الربيعة كلمة المنتدى، وقال فيها: «أصبح منتدى الرياض الدولي الإنساني في نسخته الرابعة علامة بارزة في مسيرة العمل الإنساني، والذي حظي برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد حفظهما الله، حيث يتزامن انعقاد هذه النسخة من المنتدى التي جاءت بعنوان «استكشاف مستقبل الاستجابة الإنسانية» مع مرور عقد من الزمن على تأسيس مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وهي لحظة جديرة بأن نتأمل فيها قليلاً لنستشفّ من دروس الماضي ما يُمكننا من توجيه إجراءاتنا لنخطو بثبات نحو المستقبل، كما يأتي بعد احتفالنا بيوم ذكرى تأسيس المملكة العربية السعودية، تلك المناسبة التي تُعيد إلى الأذهان اللحظة التي انطلقت فيها دولتنا العريقة قبل ثلاثة قرون، مرتكزة على مبادئ التآزر والتعاون والتضامن التي أرساها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله".
وتابع: "إننا اليوم نشهد كيف كان العمل الإنساني حاضراً وبقوة ضمن اهتمامات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله، الذي قدّم للعالم أثمن هدية منذ عشر سنوات حينما أعلن تأسيس مركز الملك سلمان للإغاثة ليكون مركزاً رائداً في تقديم العمل الإنساني السعودي للمحتاجين في جميع أنحاء العالم، وفق منهجية تجمع العطاء والتخطيط والتدخل الإغاثي العاجل والعمل الإنساني البعيد المدى».
وأكّد معاليه أنه ترجمة لذلك انبرى المركز لإيصال الخير إلى المحتاجين في 106 دول، وبتكلفة تجاوزت 7.3 مليارات دولار أمريكي نفّذ من خلالها 3,355 مشروعاً إغاثياً بشكل مباشر، أو من خلال شركائه الأمميين والدوليين والمحليين الذين وصل عددهم إلى 466 منظماً، ليتجاوز حجم العطاء السعودي خلال العقود الخمسة الماضية 133,8 مليار دولار أمريكي، فضلاً عن كونه من أكبر المراكز الدولية التي تنفِّذ المشاريع التطوعية الخارجية، حيث نفذ 876 مشروعاً تطوعياً في 52 دولة، إضافة إلى مشاركته الفاعلة مع منظمة الأمم المتحدة في دعم التوجهات الإنسانية العالمية بما في ذلك أهداف التنمية المستدامة، والإسهام في استحداث آليات وصول خلاقة، وتحقيق أثر قوي ومستدام.
وأكّد أن المنتدى ينتظم في إطار تضافر الجهود مع المجتمع الدولي، وتبادل الخبرات لمواجهة التحديات، وإحداث تغيير حقيقي في آليات التعامل مع الأزمات الإنسانية من خلال 21 جلسة يشارك فيها 132 متحدثاً، متطلعاً إلى أن يكون هذا المنتدى نقطة انطلاق لمبادرات نوعية تفتح آفاقاً جديدة للعمل الإنساني، وتتضمّن نماذج مبتكرة تستلهم فاعليتها من التقنيات الحديثة من أجل تحسين الكفاءة التشغيلية للاستجابات الإنسانية والانتفاع الأمثل من الموارد، والحد من الازدواجية بما يسهم في تلبية الاحتياجات الإنسانية وتحسين حياة الملايين من المحتاجين في العالم.
وناشد معاليه مجتمع المانحين وشركاء النجاح من القطاعات العامة والخاصة في جميع دول العالم، لتقديم الدعم اللازم للعمل الإنساني لتحسين كفاءة الاستجابة وسرعتها، وتلبية النداءات الإنسانية الملحّة.
وفي ختام كلمته رفع الدكتور الربيعة الشكر والتقدير والعرفان لخادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله، على الدعم الكبير الذي يلقاه المركز، مقدراً جهود كل من أسهم في إنجاح هذا المنتدى، وفي مقدمتهم وزارة الخارجية، والجهات المختصة، ومنظمة الأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية، ومنسوبو مركز الملك سلمان للإغاثة، والجهات الراعية.
ثم شاهد الجميع فيلماً بعنوان (10 أعوام من العطاء)، استعرض مسيرة مركز الملك سلمان للإغاثة المميزة في ميدان العمل الإنساني بمناسبة مرور 10 أعوام على تأسيس المركز.
ثم ألقى صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، كلمة أكّد فيها حرص المملكة العربية السعودية طيلة تاريخها على مد يد العون والمساعدة للدول والشعوب المحتاجة وإغاثة المنكوبين في العالم بلا تمييز، وانطلاقاً من مبادئها الإنسانية ودورها المبني على الاعتدال والمسؤولية تجاه القضايا الإنسانية بذلت المملكة فيها جهوداً بالغة حتى أصبحت من كبار الدول المانحة للمساعدات الإنسانية والتنموية على المستوى الدولي، حيث تجاوز إجمالي المساعدات الإنسانية والإغاثية التي قدّمتها المملكة 133 مليار دولار استفادت منها أكثر من 172 دولة، وقال: إنه بتوجيهات من القيادة الرشيدة أيدها الله، أطلقت المملكة مجموعة حملات مختلفة لمساعدة الأشقاء في الدول المتضررة، من أبرزها الحملة الشعبية التي أسهم فيها الشعب السعودي لإغاثة أشقائهم الفلسطينيين بمجموع تبرعات تزيد على 700 مليون ريال، إضافة إلى مشروع «مسام» لنزع الألغام من الأراضي اليمنية وتطهيرها، حيث أسهم المشروع منذ عام 2018م بإزالة أكثر من 430 ألف لغم لتخفيف التهديدات المباشرة على حياة الشعب اليمني.
وأضاف: كما بادرت المملكة منذ بداية الأزمة السودانية عن طريق تسخير الجهود الدبلوماسية بالعمل على اتفاقية جدة 1 وجدة 2، التي أسهمت في ضمان إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وتنفيذ أول عملية إجلاء بحري بالعالم للعالقين في السودان من مواطنين ورعايا الدول الشقيقة، مما أسهم في إنقاذ أكثر من 8400 شخص من 110 دول مختلفة.
وأكّد سموه استمرار جهود المملكة الدبلوماسية والإنسانية عن طريق تعزيز الشراكات مع المنظمات الدولية، وتوسيع انعقاد تقديم المساعدات وتبادل أبرز الخبرات والتجارب والسعي لتحقيق الريادة في العمل الإنساني استناداً لما تحمله المملكة من مبادئ في هذا الصدد، وقال سموه: وفي ضوء تصاعد الأزمات الإنسانية خلال السنوات الأخيرة، نؤكد أهمية دور الدبلوماسية الإنسانية الفعّالة في تنسيق الجهود وتعزيز الاستجابة الإنسانية بوصفها قوة داعمة للجهود الدبلوماسية في تذليل التحديات الإنسانية، من خلال الالتزام بمبادئ القانون الدولي والإنساني في تأمين ممرات إنسانية، والمساهمة في الحوار لضمان وصول المساعدات إلى مناطق النزاع.
وأضاف: «تبرز الأحداث الجارية في المنطقة والعالم حاجتنا الماسة إلى إنسانية موحدة، لترسيخ مبدأ الكرامة الإنسانية واحترامها وتكثيف جهودنا لمنع فظائع الحرب، والتعاون خلال الأزمات في تقديم المساعدات وفقاً للقانون الإنساني الدولي ومبادئ العمل المرتبطة به، وسعت المملكة جاهدة إلى الحيلولة دون تدهور أوضاع البلدان والمجتمعات المتضررة وإيجاد حلول عملية وفعّالة من خلال التعاون الإقليمي والدولي».
وأردف قائلًا: ومع تفاقم الاحتياجات الإنسانية إلى مراحل غير مسبوقة، نؤكد أهمية إيجاد حلول جذرية للأزمات الإنسانية وتطوير العمل الإنساني من خلال وضع حلول بناءة وتعزيز التعاون ومشاركة المعلومات وأبرز الخبرات للمساهمة في تحقيق أهداف العمل الإنساني النبيل، وإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة تفادياً لاتساع الفجوة بين الاحتياجات الإنسانية والموارد المتاحة، وتؤكد المملكة أهمية تنسيق الجهود في ظل التحديات التي فرضتها الأزمات إضافة إلى الضغوط التي تسببت بها الكوارث الطبيعية على المجتمع الدولي الذي يعاني من أعباء متزايدة، وأهمية الدبلوماسية الإنسانية الفعّالة في تحقيق الأهداف المرجوة من تعزيز للوصول الإنساني وزيادة فاعلية الجهود الإغاثية من خلال التأثير على آليات اتخاذ القرار.
عقب ذلك شاهد أمير منطقة الرياض والحضور فيلماً وثائقياً عن منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع، تطرّق إلى أهمية التضامن والتكامل المهني لاستكشاف مستقبل الاستجابة الإنسانية في ضوء التحديات الكبرى التي تعصف بالعالم من أزمات إنسانية وكوارث طبيعية وحالات طوارئ، واتخاذ أفضل الإجراءات تجاهها لتطوير هذه الاستجابة وأدواتها. ثم شهد سموه توقيع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أربع اتفاقيات مع منظمات إنسانية وإغاثية محلية ودولية وأممية لدعم العمل الإنساني الدولي، حيث وقّع الدكتور عبدالله الربيعة الاتفاقية الأولى مع المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم بقيمة 300 مليون دولار أمريكي لدعم المبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال، ووقع الاتفاقية الثانية مع المدير التنفيذي لمنظمة اليونيسف بقيمة 200 مليون دولار لدعم المبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال.
كما وقّع الدكتور الربيعة اتفاقية ثالثة مع رئيس البنك الإسلامي للتنمية الدكتور محمد سليمان الجاسر لدعم صندوق العيش والمعيشة - المرحلة الثانية، لأكبر مبادرة تنموية من نوعها في الشرق الأوسط تبلغ قيمتها 100 مليون دولار، بشراكة عالمية فريدة لبناء مستقبل أفضل للدول الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية، والاتفاقية الرابعة مع المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين لتوزيع 100 ألف طن من التمر في 30 دولة حول العالم.
وفي ختام الحفل كرّم سمو أمير منطقة الرياض الجهات الراعية للمنتدى.
حضر الحفل عددٌ من أصحاب السمو الملكي الأمراء والمعالي الوزراء وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى المملكة، وقيادات المنظمات المحلية والخليجية والعربية والدولية الحكومية وغير الحكومية، والمنظمات الأممية العاملة في المجال الإنساني والخبراء فيه